"كُتب لي عمر جديد مع ولادة ابنتي"

بشوق كبير، كانت أمينة المهيري وزوجها يعدّان الدقائق والثواني المتبقية لقدوم طفلتهما إلى هذه الدنيا. لقد خطّطا بعناية لأدق التفاصيل، فاختارا لون غرفة والملابس التي سترتديها عند مغادرة المستشفى. كانت الأمور جميلة حتى قرّرت الحياة أخذهما في منعطف آخر بمجرد إحساس أمينة بعلامات المخاض يوم عيد ميلاد قبل الموعد المتوقع للولادة. وفي حديثها عن تجربتها “كان من المفترض أن ألد في يناير 2021 لكنّ من الواضح أن طفلتي كانت على عجلة للقائنا”. وخلال خضوعها لعملية قيصرية لاحظ الأطباء علامات غير مطمئنة، حيث تبين لهم انتشار ورم سرطاني في المرحلة الثالثة على مبيضها الأيمن.

انهارت أمينة في تلك اللحظة وانتابتها صدمة كبيرة، فهي لم تعتقد يومًا أنها ستصاب بهذا المرض الخبيث ولا سيما خلال ولادتها. وأضافت هنا قائلةً: “لقد وقع هذ الخبر مثل الصاعقة، ولكن وقوف عائلتي وأصدقائي منحنني الجرعة التي أحتاجها من الدعم “. وفي الأسابيع التي تلت سماعها هذا الخبر المحزن، خضعت أمينة لسلسلة من العلاجات الصارمة لتستطيع الشفاء من مرضها وفي الوقت ذاته كانت منشغلة بالاعتناء بمولودتها الصغيرة التي أسمتها فايا.

قرّرت أمينة التحلّي بالصبر والتفاؤل بالرغم من قساوة الظروف التي غيّمت على حياتها، فأبت أن تستسلم واتخذت من الأمل حبل نجاة للبقاء صامد طوال رحلة علاجها، ووجدت عزاءً في عائلتها وأصدقائها وشعورها الجديد بالأمومة. “أنا أدرك كم أنا محظوظة للشعور بنعمة الأمومة قبل أن أفقد قدرتي على الإنجاب. فوجود فايا بجانبي منحني القوة لمحاربة هذا المرض، فكيف لا أتحمل العلاج بعد رؤية ابتسامتها التي تذيب القلوب”.

وتعيش أمينة اليوم حياة جميلة بعد أن انتصرت على المرض، وهي تفتخر بكونها أمًا لفايا وعضوة ومتطوعة في مجلس الأمل. وتعهدت بمساعدة غيرها من النساء اللواتيتعتبر يحاربن السرطان. “أتمنى لو سمعت عن مجلس الأمل خلال المراحل الأولى لمعاناتي مع المرض، فهو ملاذ آمن لاحتضان المرضى وتوفير الدعم النفسي والجسدي والعاطفي. وكم من الرائع أن يتيح لنا المركز هذه بيئة داعمة نساعد فيها بعضنا البعض! فهو مكان يبعث على الشعور بالسعادة ويحثنا على فعل الخير ومساعدة الآخرين، فجميع زوار المركز يعودون إلى بيوتهم والابتسامة تزيّن وجوههم”.

على الرغم من جميع التحديات الصحية التي تواجهها، تحرص أمينة على التمتع بكل لحظة في يومها. فهي تعشق رياضة غوص السكوبا وتسعى حاليًا لنيل شهادة الرابطة المهنية لمدربي الغوص لتصبح غواصة محترفة.

قررت أمينة مشاركتنا قصتها لتكسر الصور النمطية المنتشرة في مجتمعاتنا، وتناقش هذا الموضوع الذي يحاول الجميع تجنبه، وتساهم في رفع الوعي بين الناس. وهي تشدّد دومًا على أهمية الخضوع الجميع لفحوصات دورية بما في ذلك الأفراد الذين يتبعون نمط حياة صحي. فقصتها الملهمة هي أكبر دليل على أن مرض السرطان يهدّد جميع الناس بدون سابق إنذار، وأن التشخيص المبكر هو السبيل الأمثل للشفاء.