بينما نتأمل عام مضى – «عام زايد» الملهم – ونستقبل العام الجديد بكل ما يحمله من أمنيات متجددة وأحلام وطموحات، ارتأينا في مؤسسة الجليلة استهلال هذه الحقبة بتجديد عهدنا والتزامنا برؤية مؤسسنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بهدف ترسيخ مكانة الإمارات العربية المتحدة في صدارة مجال الابتكار الطبي. تستند رسالة مؤسسة الجليلة على ثلاث ركائز أساسية: العلاج والتعليم والبحث. أما جوهر عملنا فقد كان ولا يزال متمحورًا حول الارتقاء بحياة الناس سواء من خلال دعم مريض يأمل الشفاء أو مساندة طالب طموح أو عالم ذي رؤية ريادية. في كل خطوة نخطوها نستشعر بصيص أمل جديد يُنير لنا الدرب ويُبشر بمستقبل مُشرق. تخلّل العام 2018 مجموعة من المبادرات والإنجازات التي حققتها مؤسسة الجليلة؛ حيث استثمرت 18 مليون درهم إماراتي في عدد من برامج الرعاية الصحية الرامية إلى مساعدة الناس والارتقاء بحياتهم.
جاء عام زايد ليحمل معه نفحات من روح الخير والعمل الإنساني التي أرساها الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان خلال مسيرته الحافلة بالعطاء والعمل الإنساني الأعظم على مستوى العالم. لقد قدم الشيخ زايد مثالًا يحتذى بسخائه وعطائه وسعيه الدائم نحو تحسين نوعية حياة الناس، واليوم نفخر بهذه الرؤية التي أتت ثمارها ومنحت كل شخص يعيش في الإمارات العربية المتحدة مستوى حياة متميز. وستبقى هذه الرؤية مصدر إلهامنا خلال عام التسامح؛ إذ سنواصل العمل بموجب الأفكار والقيم التي أرساها الشيخ زايد والتي تقوم على الحكمة والاحترام والاستدامة والتنمية البشرية وهي ما سيدفعنا للاستمرار والسعي نحو إحداث فرق ملموس في حياة الناس.
يملأنا شعور بالتفاؤل والإيجابية بأن مستقبل المرضى سيكون أفضل نظرًا للتطورات التي شهدها قطاع الرعاية الصحية مؤخرًا. ويزداد هذا الشعور قوة ونزداد نحن حماسًا لمستقبل مشرق بفضل دعم ومساندة الجهات المانحة. تسهم مبادرات مؤسسة الجليلة في مجال تمويل الأبحاث الهامة بتمكين الأطباء من الإطلاع على خيارات علاجية جديدة ومبتكرة وبالتالي فتح أبواب الأمل للمرضى.
وقبل أن نبدأ الفصل القادم من رحلتنا، اسمحوا لنا بالاحتفاء بإنجازات العام 2018 التي لم تكن ممكنة لولاكم ولولا دعم شركاءنا الأعزاء.
قطعنا خلال العقد الماضي شوطًا كبيرًا في مجال العلاج الطبي وحققنا إنجازات ضخمة يُشار إليها بالبنان. واليوم، نعدكم بإحداث نقلة نوعية غير مسبوقة في تاريخ الرعاية الصحية خلال العقد القادم. لا يزال التزامنا بدعم البحث العلمي قائمًا؛ فقد قدمنا 20 منحة جديدة لباحثين متميزين في مجالات رائدة في الإمارات العربية المتحدة مثل الدراسات المتعلقة بمرض السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة والصحة النفسية. إننا فخورين بالإنجاز الذي حققناه بالرغم من كوننا مؤسسة شابة؛ فقد قدمنا حوالي 100 منحة بحثية منذ عام 2014، واستثمرنا 25 مليون درهم إماراتي لتمكين الباحثين من كسر الحواجز وسبر أغوار العلوم والتوصّل إلى اكتشافات علمية يمكن ترجمتها لأدوات فعالة من شأنها تحسين العلاجات وإنقاذ حياة المرضى.
لطالما آمن الشيخ زايد بأن «التعليم مثل الفانوس الذي ينوّر طريقنا في الأزقّة المظلمة». واسترشادًا بهذا الفكر الثاقب، قمنا بتقديم 25 منحة دراسية لطلبة إماراتيين متميزين بهدف رفد قطاع الرعاية الصحية الإماراتي بكوادر وكفاءات عالية لخدمة أجيال المستقبل. كما احتفل برنامج تآلف التدريبي بتخريج 174 ولي أمر ومعلم ممن اكتسبوا القدرات والمهارات اللازمة التي تمكنهم من مساعدة المئات من الأطفال أصحاب الهمم وإنارة دربهم وتسليحهم بالعزيمة والإصرار. هذا البرنامج الأول من نوعه في مجال تمكين الأطفال لاكتشاف قدراتهم الكامنة وتعزيز أواصر التعاون والمشاركة بين أفراد المجتمع.
لا يمكننا الحديث عن إنجازاتنا في مجال الرعاية الصحية دون أن نذكر الأشخاص الذين تغيّرت حياتهم بفضل جودة الخدمات الصحية المقدمة. خلال عام زايد، تلقّى أكثر من 183 مريض محتاج بمن فيهم 123 طفلًا خدمات علاجية أنقذت حياتهم وفتحت لهم أفقًا جديدًا للمستقبل. وعلى الصعيد الدولي، قمنا بتقديم 1.43 مليون لقاح ضد مرض التيتانوس كجزء من مشاركتنا في حملة عالمية لحماية حياة الأمهات والأطفال في الدول النامية.
لا يمرّ يوم دون أن نشعر بالحافز والإلهام من قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي يكرّس وقته وجهده لخدمة الآخرين ولا يتوان أبدًا عن التزامه نحو أمتنا العظيمة ومواطنينا الأكارم. مرّ على مسيرة الشيخ محمد في خدمة الأمة 50 عامًا، ونحن ننتهز هذه المناسبة لتجديد العهد والالتزام بمبادئ الحكم الثمانية التي تهدف إلى تحسين حياة الناس والمجتمعات التي نخدمها.
وبصفتنا عضو في مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية التي تهدف إلى الارتقاء بواقع العالم العربي من خلال العمل الإنساني والتنموي والمجتمعي، تفخر مؤسسة الجليلة باضطلاعها بدور هام في وضع الإنسانية على قمة الأولويات. ومنذ إنشائها، برهنت المؤسسة على أنها أهل لهذا الدور إذ قدمت يد المساعدة لأكثر من 5 مليون مستفيد محليًا ودوليًا ودعمت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية الرامية إلى الارتقاء بحياة الإنسان.
نتمنى أن يكون عام التسامح عامًا مليئًا بالتعاطف والقبول والتفهم، عامٌ نُلهم فيه بعضنا البعض لجعل العالم مكانًا أفضل وترك بصمة نفخر بها. أرجو أن تواصلوا متابعة أخبارنا لعلّكم تجدون الإلهام والطاقة الإيجابية من قصص نجاحنا التي تسرد نماذج رائعة عن الشجاعة والعزيمة والابتكار والتي نفخر بكوننا جزء منها.
اسمحوا لي ولفريقي أن نتقدم لكم بالشكر الجزيل على دعمكم المتواصل وأن نتمنى لكم عامًا جديدًا عنوانه الصحة والازدهار.
د. عبدالكريم سلطان العلماء
الرئيس التنفيذي
عضو مجلس الإدارة
مؤسسة الجليلة